العيد الذي نتمناه .... ...

العيد الذي نتمناه .... ...

 

02:01 2007-12-12

 
 

العيد الذي نتمناه .... ...

أحمد إبراهيم

   

 

مع حلول عيد الأضحى المبارك، لا بد أن نلتفت من حولنا وإلى البعيد البعيد لنردد “عيد بأية حال عدت يا عيد”. فأوضاع الأمتين العربية والإسلامية وأوضاع العالم، تفتقد إلى المعاني الحقيقية لهذا العيد، وما يحمله من قيم إنسانية ودينية تدعو إلى المحبة والسلام والأمن والتضحية من أجل الحق والعدل، والارتفاع بالإنسان من الحال التي يعيشها في واقعنا حيث الاستغلال وإهدار الكرامة واستباحة المحرمات، إلى حال أخرى تحمي الإنسان وتحافظ على كرامته وحقوقه.

 

عيد الأضحى هو ذلك الموقف الحياتي المجدد والمتجدد الذي يشيع الأمل في النفوس، ويقدم للإنسان أمثولة في التضحية والفداء، بحيث تتقلص الفوارق بين البشر وتتسع رقعة المحبة والإخاء والتضامن. لكن أين نحن من كل هذا، والعالم بأسره يعيش على وقع الحروب والتهديدات والانقسامات وإهدار حقوق الإنسان بأبشع الصور، وانتشار الفقر والمرض والجوع بشكل غير مسبوق، ناهيك عما يهدد العالم من سباق للتسلح، وسباق من نوع آخر لتخريب الأرض وتشويه وجهها؟

 

ومن حسن الحظ أن أعياد المسلمين والمسيحيين تزامنت في مواعيد متقاربة، وكذلك الأعياد الوطنية والقومية، لنجد أن الناس، كل الناس، تسعى للفرح والسعادة لأنها تحب الحياة وتمقت العدم.

 

فرحتنا اليوم بعيد الأضحى الإسلامي هي باقة حب تضاف إلى أفراح أعياد مذاهب أخرى، لأننا كلنا نعود إلى أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام بما هبط فيه على أرض فلسطين بسمو الذرى ونبلها، وليقول إن الفرح أيضاً من حق أهل فلسطين، ولأن فلسطين ملك لأهل كل الأرض من أصحاب القبلتين، فمن آمن بالله وصلى بالقبلة الأولى ثم ولى وجهه شطر المشعر الحرام، له حصته اليوم وغداً وبعد غد من سلام أهل الأرض. تلكم هي عيديتنا اليوم من كل المؤمنين على وجه الأرض لعلنا نحظى بالأمن والحب والسلام، وتعود فلسطين إلى أهلها عزيزة مكرمة، ويحتضن المسلمون من جديد المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.

 

في عيد الأضحى، لا بد لنا أن نذكر اخوة لنا في الدين، يبعدون عنا آلاف الأميال، ولا نعرف عنهم الكثير، ويتمسكون بدينهم ويمارسونه على أكمل وجه فهناك اخوة لنا في الدين وجدتهم يحتفلون في الصين بعيد الأضحى ويسمونه “عيد القربان” وذلك بمنطقة “نينغشيا” بشمال غرب الصين التي يقطنها أكثر من 90 مليون مسلم ولهم أكثر من 3400 مسجد ولهم إجازة رسمية من الحكومة يوم العيد تحتفل فيه حوالي 10 قوميات من الأقلية المسلمة في الصين.

 

وأيضاً خلال زيارتي لمنطقة “شينجيانغ” حيث قومية “الويغور” المسلمة بشمال غرب الصين تبين لي أن هناك أكثر من 10 ملايين مسلم، ومئات الآلاف من المساجد التي تكتظ بالمصلين وهم يؤدون صلاة العيد وأدعياتها بلغتنا العربية الأصيلة، ودخلت أيضاً سوقاً خاصاً باسم “أرداوتشياو” التابع لمدينة “اورومتشي” في محيط منطقة شينجيانغ وابتهجت بمهرجانات كل ما يلبي أذواق المسلمين في أعيادهم الإسلامية.

 

زرت هذه المناطق فوجدتها وعرة لا يوجد فيها من نعيم الأرض وخيراتها غير الصخور السوداء التي تحكي صلابة وصمود أهلها الذين عرفوا الإسلام وآمنوا به، فكان الشمعة التي أضاءت ليلهم المدلهم.

 

إن من يزُر تلك المناطق يكتشِفْ أن الرجل المخلص في عمله سوف يجد ألف رجل يحيطون به ليساعدوه.

 

تلك المناطق التي زرتها في عيد الأضحى، رأيت فيها العمال يعمرون والمزارعون يحيون الأراضي، وصوت الآليات يهدر في كل مكان، كإعلان على أن البناء قائم في كل مكان على يد هؤلاء الريفيين الفقراء.

 

إن عيدنا نحن العرب لن يكتمل إلا إذا رأينا التنمية تشمل كل الوطن العربي، ونرى منتجاتنا كتبت عليها عبارة “صنع في الوطن العربي”.

 

وعيدنا نحن العرب لن يكتمل، إلا بعد أن نحرر أرضنا المغتصبة ويعود الحق في فلسطين إلى أصحابه، وتنزاح من سمائنا كل عواصف الحروب والغزوات التي تستهدفنا حاضراً ومستقبلاً، وتهدد بوضع مواردنا وثرواتنا في قبضة الدول الطامعة والشركات العابرة للقارات.

 

كما أن عيدنا لن يكتمل إلا بعودة روح التضامن والوحدة بين دولنا وأنظمتنا وتزول كل عوامل الفرقة والانقسام، ونطوي إلى الأبد صفحة العنف والإرهاب التي تلطخ أرضنا، لأنها لا تستهدف إلا الأبرياء.

 

ختاماً، ندعو الله أن يعيد علينا الأعياد، وأوضاعنا قد تغيرت وتبدلت نحو الأفضل والأحسن، لما فيه خير أمتنا وديننا.

 

* كاتب إماراتي

ui@eim.ae

تعليقات 0

لم يتم العثور على تعليقات