«بوتين» كان بمنطقة الثراء .. للبيع أم للشراء؟

«بوتين» كان بمنطقة الثراء .. للبيع أم للشراء؟

2007-02-25 00:04:54 UAE

«بوتين» كان بمنطقة الثراء .. للبيع أم للشراء؟

بقلم :أحمد إبراهيم

يقال عن الروس إنهم يجيدون فنون الوداع ولا يجيدون فنون الاستقبال، خلاف الإنجليز والأميركان فإنهم خبراء ومخضرمون في فنون الاستقبال ومهرة في رسم الابتسامة الصفراء على الوجه.

وتخطيط المنطقة الخضراء على الأرض، وتقديم الباقة الحمراء في الميدان، لكنهم سرعان ما يغيرون تلك الألوان، لأنهم كما يجيدون صياغتها كذلك يجيدون تغييرها كالحرباء فيأتون حفلات الوداع دون تلك الورود والابتسامات التي أتوا بها حفلات الاستقبال، وإنما يأتونها بإملاءات تعجيزية وعقود تعزيزيه تعزّز الاستعمار في المنطقة وتعيد الاستكبار للمنطقة.

وبالمقابل أثبتنا نحن العرب عبر التاريخ أننا لا نجيد فنون (القتال) في الميدان مهما أوتيت من أسلحة وعتاد قدر ما نجيد فنون (الجدال) على الشاشات وان لم نؤت غير الكاميرات والسماعات والمايكروفونات، على خلاف اليابانيين والصينيين الذين يجيدون فنون القتال وإن كانوا عراة بعظامهم دون الأسلحة النارية والبيضاء وإنما بالكونغ فو والجودو والكاراتيه في معارك الدفاع عن كراماتهم ومقدساتهم.

ويقال إن بوتين جاء للمنطقة أخيرا، فلاقى استقبالا عربيا رحبا، بينما الكرملين لم يكن قد تعلم فنون حفاوة ذلك الاستقبال العربي في ثوب رحابته البدوية قبل اليوم عندما زاره بعض القيادات العربية في الفترة الأخيرة فلم يخرج من باب الكرملين لاستقبالهم سوى سكرتير الشؤون الخارجية بدل الرئاسة، وذلك ليس تقليلا من الشأن العربي وإنما لأن الروس كانوا ولازالوا في مراحل التطبيقات الابتدائية لدبلوماسيات الاستقبال والترحيب، ومتخرّجون توّا من صفوف فنون التوديع بعد أن استبدل الكرملين (الياء بالباء)، بإخراج يلتسين وإدخال بوتين.

ولأن (ياء) يلتسين كانت قاسية على روسيا المجتمع والدولة المتدهورة وراح المشردون يملأون الطرقات الباردة يعيشون ويموتون على الرصيف دون الرغيف، وارتفع معدل الوفيات 50%. ثم انهارت صحة يلتسين مع صحة الكرملين بعدما ترك عدداً من الناس يعيشون فساداً في ثروة البلاد ومداخيلها.

وهدرت الدولة الروسية في إنفاق 120 مليار دولار مجهولة تملقتها من البنك الدولي، دون أن يعير باله تجاه تلك الديون والإنفاق بل انشغل هو والمهرّجون حواليه بالخارج وهم يفتقرون لأدنى ما تتطلب الدبلوماسية الخارجية من أبجديات، وكان على رأس تلك الأمّية الدبلوماسية تصريح الجوكر الروسي الشهير مدلل يلتسين المدعو: (فلاديمير جيرونوفسكي) الذي قال انه سيعيد العرب إلى زمن الإبل.

لكن هذا الجوكر الروسي المطرود من بلاط يلتسين والمنهار أصلا سرعان ما لاقى استقبالا عربياً رحبا وأصبح الضيف المفضل في كل من ليبيا والعراق، بينما سويسرا كانت قد عارضت إعطاءه تأشيرة علاج.!

وعلى الجانب الآخر من المعسكر الشرقي للوطن العربي، وبينما «ياءات» يلتسين كانت تحتضر في موسكو وصل على بوابة الكرملين ضابط مخابرات سابق، فاستبدلت على الفور «ياءات» يلتسين بباءات «بوتين» على تلك البوابة فاستلمها بوتين وعلى صدره أوسمة وأرقاما لم يستحقها حاكم روسي قبله في تاريخها الحديث، نعم استلمها و هناك فائض من 80 مليار دولار في صندوق خاص لا يمس إلا إذا انخفض دخل النفط. والدخل القومي في نمو سنوي من 6 إلى 7%.

والروبل المريض في تعاف تدريجي أمام الدولار المنهار والدين الخارجي في تناقص، والاحتياطي في تزايد إذ زاد على 250 مليار دولار. وكاد يبلغ معدل دخل الفرد شهرياً 400 دولار حسب الرقم الرسمي وضعف ذلك حسب الرقم الحقيقي، مقابل 10 دولارات في الشهر للطبيب في الجانب الآخر من المعسكر الشيوعي ( كوبا).

حيث لا يزال النعيم الشيوعي ينتظر بيان مستشفى كاسترو للمجتمع الكوبي بينما المجتمع الروسي يبدو قد تعافى وخرج من خط القطار رغم كل ما قيل عن الفساد ولعل آخر تلك الأقاويل ما أشيع قبل خمس سنوات 2002 بان حوالي 90% من النفط الروسي تم تخصيصه، واستبدلت أموال طائلة للكريملين في حسابات شخصيه لأشخاص كانت لهم أياد خفية في بيع الثروات القومية الروسية وغادروا الحدود الروسية للأبد.

فيا ترى لماذا لم يتجه بوتين للمنطقة العربية طيلة فترتي رئاستيه الأولى والثانية والتي ستنتهي قريبا دون السماح له بالثالثة.؟ ترى ماذا يريد من هذه المكوكيات التي سيجني ثمارها غيره ويكون هو خارج الكريملين .؟ أيريد أن يترك لوريث عرشه (كريملين) قويا مثلا.؟ أم لايزال يعتقد أن العرب لا تعرف عنه شيئا كما كان يروجه سلفه من خلال المهرجين الذين زعموا أنهم قادرون على إعادة العرب إلى الجمال.

فما تعرفه عنك الدنيا يا بوتين يعرفه عنك أيضا العرب، لان العرب جزء من الدنيا بل جزء مهم منها فإن ولايتك على وشك الانتهاء ولك مرشح، وهل تريد تسليمه الدولة القوية المتعاهدة مع دو ل الجوار على حصة الكعك المتفق عليها مع أميركا، فكما هو أنت «فلاديمير بوتين» رئيس روسيا الحالي، مواليد سانت بطرسبرج 7 أكتوبر من عام 1952 وحاصل على درجة الكانديديات، التي تعادل الدكتوراه في الاقتصاد.

وفي يوم 25 يوليو 1998 قام يلتسين بتعيينك مديرا لجهاز الأمن الفيدرالي الذي خلف جهاز الكيه جى بى السابق و أصبحت رئيسا بالإنابة عند استقالة يلتسين في 31 ديسمبر من عام 1999، وفى الانتخابات التي جرت يوم 26 مارس عام 2000، تم انتخابك رئيسا وأعيد انتخابك رئيسا للبلاد في الانتخابات العامة التي جرت يوم 14 مارس 2004 وهي آخر الانتخابات التي فزت فيها لتخرجك من رئاستك الأخيرة خروجا لاعودة لك فيها.

فيا ترى ما الذي قاد (باء) بوتين للمنطقة متأخرا، وهل هي رائحة النفط والغاز التي جلبته رغم أن 40% من الصادرات الروسية هي النفط والغاز الطبيعي؟ فمهما كانت الدوافع في شهية «باء» بوتين للمنطقة، لم تخف عنا نحن أبناء المنطقة إننا في هذه الأيام صرنا نعيش زوبعة «الباءات»:

من (باء) بوش والبيت الأبيض المنهارة في جبهتي أفغانستان والعراق، والوشيكة على اختبار الجبهة الثالثة فيها تجاه إيران، بعد إقحام حاملة طائراتها الثالثة المنطقة حتى كتابة هذه السطور، إلى (باء) بلير وبريطانيا المعلنة حديثا عن سحب بساطها من المنطقة وأخيرا باء «بوتين»، غير المعلنة عن توجهاتها في المنطقة، ولكنها وصلت بتأشيرة متعددة السفرات وان تعددت الوجوه فالتأشيرة واحدة، وعليه مهما اختلفت تلكم (الباءات) البوشيه والبليرية والبوتينية، فإنها تزامنت زمنا وتوقيتا بالمنطقة ثم طبلا وتطبيلا للمنطقة.

حيث المنطقة ما إن دخلها بوتين وغادرها، أعلنت أميركا أن حاملات طائراتها دخلت المنطقة ولم تغادرها، ثم أعلنت بريطانيا انه من المنتظر عودة 1500 جندي بريطاني لبلادهم خلال الأشهر القادمة، لترفع عدد العائدين من العراق إلى نحو 3000 جندي مع حلول أعياد الكريسماس، ثم أعلنت حكومة ايطاليا انه وبموجب الدستور الإيطالي يقدم رئيس الوزراء استقالته إلى الرئيس بسبب سياستها الخارجية التي يعارضها اليسار المتشدد (الشيوعيون والخضر) العضو في الغالبية، إذ يريد اليسار جدولا زمنيا لسحب نحو ألفي جندي إيطالي متمركزين في أفغانستان، ثم أعلنت الدنمارك أنها ستسحب قواتها والبالغ عددهم 560 جنديا من العراق بحلول العام الحالي من العراق.

مهما تنوعت تلك اللهجات والطبول فإنها متفقة دون منازع على قانون واحد، ألا وهو: (حاجتهم للحرب في سبيل البقاء في السلطة، وتفضيلهم بالإجماع حروبا صغيرة على شكل حرب عصابات تنتهي بالنصر في الميدان أو يسهل الإحساس بالنصر في الإعلام، وحاجتهم بالإجماع لحقول وآبار وأنابيب النفط لتمويل «كتالوجات» انتخاباتهم فتبقيهم في السلطة لأكبر قدر من الوقت، واتفاقهم أيضا وبالإجماع على توفير النفط بأرخص الأسعار وبأكبر الكميات).

وفي صدى هذه الطبول يجب أن نتذكر ذلك القرار التاريخي الذي أصدره العرب بقيادة المرحوم الملك فيصل وجرأته البدوية بقطع البترول عن دول الغرب، واثبت العرب وحدتهم التلاحمية في وجه الطبول والنغمات المتنوعة ليواجهوا الند بالند فبدأ كل طبل يخرس وكل نغمة تصمت وكل بيت ينتفض من البرد وكل مصنع يشل وكل سيارة تقف على الرصيف، لندرة النفط والبنزين والزيت والمازوت، وأصبحت الطبول كل الطبول تشعر أنها أمام كارثة اقتصادية بسبب القرار الجماعي.

يجب التنويه باني لم أقل هنا علينا تطبيق ذلك القرار بل قلت يجب أن نتذكر ذلك القرار التاريخي، وما يجب تطبيقه هو القرار الجماعي سواء بقطع البترول أو بإمداده وإنتاجه، حيث لن يزعزعنا مهرج آخر بإعادة العرب للجمال، إذا كان العرب متفقين على أن العودة فخر لنا سواء عدنا للجمال أم عادت الجمال لنا.

Comments 0

No comments found